شعورٌ بالتقصير
يلاحقون قضيّتكم من مرجع لآخر،
عذرًا وأنا الذي ذقت مرارة السجون لأسباب سياسيّة واستشعرت حلاوة النصر على الظلم بعد تحريري من الاعتقال،
عذرًا وألف عذر،
ولماذا أعتذر وأكرِّر اعتذاري وأدفع الثمن شعورا بالذنب عن أخطائي،
ألأنــّني أخطأت؟
ربّما أخطأت بمجرد التفكير بأنّ الدولة اللبنانيّة سَعت لحلّ قضيّتكم بتأليفها اللجان المتعدّدة وتبيّن أنّها قامت بمناورات لطمس الحقيقة أو تحويرًا لها.
ربّما أخطأت بالتصديق أنّ المسؤولين في لبنان سَعَوا جاهدين للتواصل مع المراجع المعنيّة للاستفسار عن قضيّتكم فتبيَّن أنّ مساعيهم ظاهريّة ومجرّد تلاعب على عواطف الأهالي واللبنانيّين ليس الّا،
ربّما أخطأت بعدم الوقوف بوجه كافة المسؤولين وتعريتهم أمام الرأي العام مسلِّطًا الضوء على اهمالهم وسوء إدارتهم وتهرُّبهم من القيام بواجباتهم،
ربّما أخطأت كونني لم أضاعف جهدي جهدًا ولم استشرس للدفاع عن قضيّتكم، فظننت للحظات بأنّ مصيركم سيبقى مجهولًا بعد مرور السنوات،
وها أنّ أخباركم بدأت تتوالى وها أنّ بعضاً منكم عاد الى لبنان محرَّراً بعد 27 سنة من الاعتقال في السجون السوريّة،
وها أنّ صيحاتكم تدَوّي في ضمير ووجدان كلّ وطنيّ شريف مهلِّلَة ببزوغ فجر الحريّة بعد طول غياب،
ربّما أخطأت وأخطأت ولكنّني والله بذلت ما بوسعي للإضاءة على قضيّتكم والسعي مع المخلصين لحلّها، فهل أنا أقدِّم الأعذار ارضاءً لنفسي أم أنّ واقعي جعلني مكبَّلًا بالقيود التي منعتني من القيام بأكثر مما قمت به؟
طبعاً لا.
فأنا الذي أقول وأردِّد دائمًا بأنّ لا شيء مستحيل، وعليه سأتخطّى واقعي وقدراتي المحدودة وسأبذل ما بوسعي لنصرة قضيّتكم العادلة، وها أنّ كلماتي تُعبِّر عن مخزون مشاعري التي تنطلق ابتهاجًا بمعرفة مصيركم ورؤية بعضكم بعد سنوات طويلة من الغياب القسريّ،
فأعدكم بمواصلة ما بدأت به، راجيًا من الله مَدّي بالقوّة للمساهمة في حلّ قضيّتكم وتحريركم من المعتقلات وعودتكم إلى منازلكم وأهلكم وأولادكم، فقد طال الانتظار ولكن ما زلت مؤمنًا بأنّه لا يموت حقٌّ وراءه مطالب.
المحامي جوزف وانيس